إصدارت أفضل ألعاب Assassin’s Creed من الأضعف إلى الأقوى| الجزء 5

عندما تُذكر سلسلة Assassin’s Creed، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو مزيج التاريخ العميق، والتنقل الحر فوق الأسطح، والاغتيالات الدقيقة التي أصبحت توقيعًا خاصًا للسلسلة. وبمرور أكثر من 15 عامًا على انطلاقتها، تراكمت عشرات الإصدارات بين أجزاء رئيسية وأخرى جانبية، مما جعل ترتيب “أفضل ألعاب Assassin’s Creed” أمرًا معقدًا وشيّقًا في آن واحد. وفي هذا الجزء الخامس من تقييمنا الشامل للسلسلة، نغوص في عمق ثلاث ألعاب مميزة لم تنل جميعها التقدير الذي تستحقه عند الإصدار، لكنها تمثل محطات فارقة في تطور السلسلة.
Chronicles و China فن التسلل بثوب كلاسيكي

سنة الإصدار: 2015
المنصات: PC، PS4، Xbox One، PS Vita، Switch
رغم أن Chronicles: China لا تُعد من الإصدارات الرئيسية في السلسلة، إلا أنها استطاعت أن تترك بصمة خاصة. اللعبة تنتمي إلى ألعاب المنصات الثنائية الأبعاد، ما يجعلها تبدو للوهلة الأولى كمجرد تجربة فرعية مصغرة. لكن بمجرد بدء اللعب، يتضح أن وراء هذه الواجهة البسيطة توجد تجربة متقنة ومليئة باللمسات الفنية الذكية.
تأخذنا اللعبة إلى الصين في القرن السادس عشر، حيث نتابع رحلة Shao Jun، إحدى المتدربات السابقات لدى الأسطورة Ezio Auditore. تستمد اللعبة الكثير من روح ألعاب التسلل اليابانية الكلاسيكية مثل Mark of the Ninja، لكنها تضع لمستها الخاصة من خلال ميكانيكيات التسلل الإبداعية، والجري الحر الذي يكسر الرتابة ويضيف تنوعًا للإيقاع العام.
تميّز فني رغم محدودية الميزانية
الرسومات تُعد من أبرز مفاجآت اللعبة، حيث صُممت بالكامل بأسلوب يشبه اللوحات المائية الصينية التقليدية، مما أعطاها هوية بصرية فريدة. هذا التوجه الفني لم يكن مجرد تجميل سطحي، بل ساعد في إخفاء محدودية الميزانية التقنية، وجعل التجربة تبدو راقية وملهمة.
لكن رغم كل هذه الإيجابيات، لا يمكن إنكار بعض العيوب: القصة مختصرة ومباشرة، وعالم اللعبة محدود من حيث الاستكشاف، كما أن تصميم المراحل يميل إلى التكرار. شخصية Shao Jun رغم جاذبيتها، لم تحظَ بتطوير درامي عميق، وهو ما جعل رحلتها تبدو ظلًا باهتًا لرحلة معلمها الشهير Ezio.
ومع ذلك، تبقى Chronicles: China هي الأفضل بين ثلاثية Chronicles، وقدّمت تجربة متقنة تستحق التجربة لكل من يبحث عن جوهر Assassin’s Creed في إطار مختلف.
Assassin’s Creed Unity والتجربة التي سبقتها أخطاؤها
سنة الإصدار: 2014
المنصات: PC، PS4، Xbox One
عندما تم الإعلان عن Assassin’s Creed Unity، كانت الآمال عالية جدًا. اللعبة تم تطويرها كأول إصدار كامل مخصص للجيل الجديد آنذاك، وتم الترويج لها كقفزة تقنية وسردية ضخمة للسلسلة. لكن لحظة الإصدار شهدت فشلًا تقنيًا واسع النطاق، جعلها تُصبح مادة للسخرية والانتقاد.
ورغم تلك البداية الكارثية، إلا أن Ubisoft أظهرت التزامًا نادرًا حينها، وأصدرت عدة تحديثات ضخمة أصلحت الأخطاء البرمجية، لدرجة أن اللعبة باتت بعد أشهر من إصدارها تُقدَّر على نطاق واسع من قبل اللاعبين.
باريس الثورية كما لم نرها من قبل
من ناحية بيئة اللعب، قد تكون باريس هي الأجمل والأكثر تعقيدًا في تاريخ السلسلة. تفاصيل الشوارع، الأسواق، المباني والكنائس خلقت إحساسًا حيًا بالعصر الثوري الفرنسي. تم بناء المدينة بشكل يُشجع على الاستكشاف والتفاعل، وتم تعزيز ذلك بنظام تسلق وانحدار محسّن، جعلك تشعر أنك تنتمي حقًا إلى هذه المدينة.
نظام الاغتيال أعيد تصميمه بالكامل، فبدلاً من مجرد التسلل من نقطة أ إلى ب، أصبحت المهمات تمنح اللاعب حرية التخطيط وتنفيذ اغتيالات متعددة الزوايا، مستفيدًا من النوافذ، الأبواب الخلفية، أو حتى إشغال الحراس لصناعة فرص اغتيال مثالية.
اللعبة أيضًا قدمت محتوى فرعيًا ممتعًا وغير تقليدي، مثل مهام التحقيق في الجرائم والألغاز الذهنية، التي أضافت بُعدًا عقليًا للتجربة بعيدًا عن القتال.
هل تستحق فرصة جديدة؟
بكل تأكيد. Assassin’s Creed Unity اليوم مختلفة جذريًا عن اللعبة التي أُطلقت عام 2014. وبتحديثاتها الأخيرة، أصبحت واحدة من أفضل التجارب التي تُجسد جوهر السلسلة: اغتيال تاريخي فني، وسط بيئة تنبض بالحياة، وسرد يُثير الفضول.
Assassin’s Creed Revelations وداع الأساطير
سنة الإصدار: 2011
المنصات: PC، PS3، Xbox 360، PS4، Xbox One، Switch
إذا كانت Brotherhood هي الجزء الذي جعلنا نحب Ezio، فإن Revelations هو الذي جعلنا نحترمه. هذه اللعبة ليست مجرد نهاية لرحلة بطل، بل تحية درامية عميقة لاثنين من أعظم شخصيات السلسلة: Ezio وAltair.
تدور الأحداث في مدينة القسطنطينية، حيث يسعى Ezio لاكتشاف إرث Altair من خلال مفاتيح تحوي ذكريات الماضي. القصة أكثر نضجًا من أي جزء سابق، وتدور حول الأسئلة الوجودية، والإرث، والخاتمة، والبحث عن السلام بعد حياة مليئة بالدماء والمطاردة.
قوة السرد وضعف الابتكار
رغم تميز القصة، إلا أن اللعبة لم تُقدّم ميكانيكيات لعب جديدة كبرى. أبرز إضافة كانت نظام الدفاع عن الأبراج، الذي لم يكن محبوبًا بين اللاعبين. المدينة نفسها، رغم تصميمها الأنيق، لم تصل إلى مستوى روما أو فلورنسا من حيث التنوع والنبض الحي.
لكن هذه المآخذ لم تُضعف من الأثر العاطفي الذي تتركه اللعبة. نهاية Altair كانت لحظة مؤثرة من أعظم لحظات السلسلة، أما وداع Ezio فكان درسًا في كيفية إنهاء قصة بطل بأناقة وكرامة.
رابط الموقع الرسمي لسلسلة Assassin’s Creed
الموقع الرسمي لسلسلة Assassin’s Creed من Ubisoft
سلسلة تنمو مع جمهورها
ما يميز سلسلة Assassin’s Creed عن غيرها من السلاسل الطويلة في عالم الألعاب هو قدرتها على التطور والتجديد دون أن تفقد هويتها. فبينما نجد ألعابًا تكرر نفس الفكرة دون مخاطرة، كانت Assassin’s Creed دائمًا على استعداد لكسر القوالب، وتجربة أنماط جديدة في أسلوب اللعب، من التسلل ثنائي الأبعاد إلى العوالم المفتوحة الضخمة، ومن القصص الشخصية إلى الثورات الشعبية الكبرى. هذا التنوع جعل السلسلة قادرة على ملامسة شرائح متعددة من اللاعبين، سواء كانوا يبحثون عن تحديات فكرية أو مغامرات تاريخية أو حتى لحظات درامية مؤثرة.
تأثير يتجاوز الشاشة
لم تقتصر تأثيرات Assassin’s Creed على عالم الألعاب فقط، بل امتدت إلى الثقافة الشعبية والتعليمية، حيث استخدمها مدرسون ومؤرخون كوسيلة بصرية لإحياء فترات زمنية معقدة بطريقة تفاعلية وممتعة. كما ألهمت السلسلة كتبًا، وروايات، وحتى أفلامًا ومسلسلات. وهذا يثبت أن “أفضل ألعاب Assassin’s Creed” ليست مجرد وسائل للترفيه، بل هي أعمال فنية وثقافية تساهم في إعادة صياغة طريقة تفاعلنا مع التاريخ، من خلال عدسة مشوقة مليئة بالأسرار والدراما.
الخلاصه
تُثبت هذه الأجزاء الثلاثة أن سلسلة Assassin’s Creed ليست مجرد لعبة واحدة تُكرر نفسها، بل هي مشروع ضخم ومتفرع، يسعى لاستكشاف التاريخ من زوايا مختلفة، ويُجرب أنماط لعب متنوعة دون خوف. من التجارب الفنية الهادئة مثل Chronicles: China، إلى الطموح التقني في Unity، والنهاية الملحمية في Revelations، يُمكن القول إن هذه السلسلة قدمت شيئًا للجميع.
وبينما نستعد للغوص في المزيد من الأجزاء في رحلتنا التحليلية لسلسلة Assassin’s Creed، يبدو واضحًا أن لكل إصدار بصمته الخاصة، سواء أكان محبوبًا أو منسيًا. فهذه السلسلة لم تكن يومًا مجرد تسلية، بل كانت انعكاسًا لتطور صناعة الألعاب نفسها، من حيث الأفكار والجرأة والتقنيات. لذا، إن كنت من عشاق السلسلة أو حتى من الفضوليين تجاهها، فإن مواصلة هذه المغامرة عبر أجزائها المتنوعة ستمنحك نظرة أعمق على كيف يمكن للعبة أن تُخلّد في الذاكرة، ليس فقط بسبب ما تقدمه من متعة، بل لما تتركه من أثر.
ولعل أهم ما في هذا الترتيب هو التذكير بأن “أفضل ألعاب Assassin’s Creed” ليست بالضرورة الأحدث أو الأكثر شهرة، بل تلك التي غامرت، وقدمت تجربة مختلفة، وتركت أثرًا حقيقيًا في اللاعبين.