مراجعة Mafia Country| عودة أسطورية لسلسلة المافيا إلى الجذور الإيطالية في نهاية 2025

بعد انتظار دام أكثر من سبع سنوات منذ صدور الجزء الثالث من السلسلة، تعود إلينا لعبة Mafia: The Old Country لتعيد للأذهان أمجاد الماضي وتعيد تعريف اللاعبين بجذور المافيا الإيطالية. هذه المرة، اختار المطور Hangar 13 العودة إلى صقلية – إيطاليا، المكان الذي وُلدت فيه أساطير الجريمة المنظمة، حيث الدم والشرف والعائلة هي العملة الحقيقية في الحياة. اللعبة صدرت رسميًا بتاريخ 08 أغسطس 2025 عبر منصات PS5، Xbox Series X/S، وPC، لتكون واحدة من أكثر الإصدارات المرتقبة في عالم ألعاب الأكشن الدرامية. ومع الناشر الشهير 2K، أرادت هذه اللعبة أن تثبت أن سلسلة مافيا لم تمت بعد، وأن العودة إلى الجذور هي الحل الأمثل لإحياء إرثها.

القصة في Mafia و The Old Country و ملحمة إيطالية عن الشرف والخيانة

القصة دائمًا ما كانت هي العمود الفقري لسلسلة مافيا، والجزء الجديد لم يخذلنا على الإطلاق. في هذا الإصدار نتعرف على شخصية جديدة تدعى Enzo، وهو شاب بسيط ينهض من بين الأنقاض ليجد نفسه منخرطًا في عالم المافيا عبر عائلة Torrisi، واحدة من أعرق العائلات الإجرامية في صقلية.

رحلة Enzo تبدأ من الصفر، ومع مرور الأحداث نعيش صراعات معقدة بين الولاء للعائلة والطموح الشخصي، وبين الحب والخيانة. القصة تسير بأسلوب فصول خطية شبيه بما قدمه الجزء الأول الكلاسيكي، ما يمنح الأحداث طابعًا روائيًا قويًا يجعلك تشعر أنك داخل فيلم مافيا ضخم مكتوب بعناية.

الشخصيات في اللعبة كانت مصممة بذكاء لتعكس عمق العلاقات الإنسانية وسط عالم قاسٍ:

• Enzo: البطل الذي يجسد صراع الإنسان بين القلب والعقل.
• Cesare: الرفيق المخلص الذي يمنح القصة معنى الأخوة في عالم يفتقر للثقة.
• Luca: الشخصية المفضلة لدى الكثير من اللاعبين، وذلك بفضل تعقيدها النفسي ودورها الكبير في تغيير مسار الأحداث.

الإخراج السينمائي أضاف قيمة ضخمة للتجربة؛ حيث جاءت المشاهد الحوارية مكتوبة بإتقان، مدعومة بأداء صوتي احترافي وكاميرا سينمائية تنقل لك تفاصيل الوجوه والمشاعر بشكل أقرب إلى الأفلام. ومن خلال الجمع بين الكتابة القوية والإخراج المتميز، استطاع استوديو Hangar 13 أن يعيد للسلسلة هويتها الحقيقية.

أسلوب اللعب في تطوير محسوب يحافظ على روح السلسلة

سلسلة Mafia لم تكن يومًا معروفة بأسلوب لعب معقد أو مبتكر، بل لطالما كانت القصة هي المحرك الأساسي. ومع ذلك، قدّم هذا الجزء بعض التحسينات المرحب بها التي جعلت التجربة أكثر متعة.

أبرز هذه الإضافات كان نظام الميداليات والتشارمز، وهي قدرات خاصة يمكنك تزويد نفسك بها للحصول على ميزات مثل استعادة الصحة بسرعة أكبر، أو جعل خطواتك أكثر هدوءًا أثناء التسلل، أو تسريع عملية إعادة تعبئة الأسلحة. هذه الإضافة منحت اللاعبين إحساسًا بالتطور الشخصي والتقدم في المهارات، لكن غياب مستوى صعوبة حقيقي جعلها أقل تأثيرًا مما كان متوقعًا.

إضافة أخرى هي قتالات الزعماء اليدوية، حيث تواجه خصومك في معارك مباشرة تمنح الأحداث لمسة من التنويع. ورغم أن هذه المواجهات تكررت بنفس الأسلوب تقريبًا، إلا أنها لم تكن مزعجة نظرًا لقصر مدتها وقلتها، بل جاءت لتكسر الروتين وتضيف عنصرًا دراميًا مكملًا.

ورغم هذه التحسينات، هناك بعض السلبيات التي تستحق الذكر، أهمها أن نظام شراء وتطوير القدرات كان معقدًا، إذ يفرض على اللاعب العودة إلى الوضع الحر بدلًا من تقديم متجر سريع داخل القوائم. كذلك، غياب التحدي حتى في أصعب مستويات الصعوبة جعل بعض عناصر اللعب غير ضرورية بشكل فعلي.

بشكل عام، يمكن القول إن أسلوب اللعب يؤدي الغرض المطلوب، لكنه لم يكن نقطة التفوق في اللعبة، وهو أمر طبيعي نظرًا لتركيز السلسلة الأكبر على السرد والدراما.

الرسوميات والجوانب البصرية وصقلية كما لم نرها من قبل

من الناحية البصرية، يمكن القول إن Mafia: The Old Country هي أجمل أجزاء السلسلة على الإطلاق. بيئة صقلية صُممت بشكل يجعلها تبدو وكأنها شخصية حية داخل القصة، وليست مجرد خلفية للأحداث.

تصميم المدن جاء مبهرًا للغاية؛ الأزقة الضيقة المرصوفة بالحجارة، المباني التاريخية المزخرفة، والشرفات التي تطل على الشوارع الصغيرة المليئة بالتفاصيل. أما الطبيعة، فقد كانت ساحرة بكل ما تعنيه الكلمة: حقول واسعة مليئة بالورود، كروم عنب مترامية الأطراف، منحدرات صخرية تطل على البحر، وغابات تحيط بالقرى الصغيرة.

الإضاءة لعبت دورًا بارزًا في تعزيز واقعية المشاهد، حيث عكست أشعة الشمس على جدران المباني لتخلق لوحات فنية حقيقية، فيما أضفت الفوانيس في الكهوف جوًا غامضًا مليئًا بالرهبة. حتى التفاصيل الصغيرة مثل انعكاس الماء، أصوات الحشرات في الليل، أو طقطقة الأقدام على الأرض الحجرية جعلت العالم ينبض بالحياة بشكل استثنائي.

الموسيقى والأجواء الصوتية و نبض المافيا الحقيقي

الموسيقى التصويرية كانت عنصرًا رئيسيًا في تعزيز تجربة اللعبة. فقد قدمت مقطوعات أوركسترالية تمزج بين الطابع الإيطالي الكلاسيكي والنغمات الدرامية القوية، ما جعل كل مشهد أكثر تأثيرًا.

إلى جانب ذلك، أضافت الأغاني الجانبية لمسة ثقافية عميقة، حيث تعكس أجواء الشوارع والحياة الشعبية في صقلية. كما أن المؤثرات الصوتية جاءت دقيقة للغاية: أصوات السيارات القديمة، وقع الأقدام على الحصى، صوت إطلاق النار، وحتى الهمسات في الحوارات الجانبية جعلت التجربة أكثر واقعية.

مقارنة مع الأجزاء السابقة

لإدراك قيمة هذا الجزء، لا بد من مقارنته مع تاريخ السلسلة:

• Mafia (2002): لعبة كلاسيكية خطية ركزت على القصة وأرست هوية السلسلة.
• Mafia II (2010): توازن بين القصة والحرية النسبية، ما جعلها من أكثر الأجزاء المحبوبة.
• Mafia III (2016): طموح كبير لكنه فشل بسبب التكرار والمشاكل التقنية.
• Mafia: The Old Country (2025): عودة للجذور مع قصة محكمة، شخصيات عميقة، ورسوميات مذهلة.

تطلعات مستقبلية للسلسلة

نجاح Mafia: The Old Country قد يمهد الطريق لمستقبل مشرق للسلسلة. من أبرز التوقعات التي قد نراها في الأجزاء القادمة:

1. العودة إلى أمريكا في فترة السبعينات أو الثمانينات لتقديم فصل جديد من تاريخ المافيا.
2. تقديم قصة متعددة الأبطال بأسلوب مشابه لـ GTA V، لكن مع التركيز على العمق الدرامي.
3. مزيد من عناصر اللعب الحر والأنشطة الجانبية، مع الحفاظ على القصة كركيزة أساسية.

الخلاصة

في النهاية، يمكن القول إن Mafia: The Old Country هي عودة أسطورية للسلسلة بعد سنوات من الغياب. لقد استطاع استوديو Hangar 13 أن يتعلم من أخطاء الجزء الثالث، وأن يعيد تقديم لعبة تركز على القصة العميقة، الشخصيات المؤثرة، والأجواء السينمائية التي أحبها اللاعبون منذ البداية.

• القصة: ملحمية ومليئة بالخيانة والدراما الإنسانية.
• الشخصيات: عميقة وواقعية، أبرزها Enzo وLuca.
• أسلوب اللعب: تحسينات مرحب بها لكن ما زال بعيدًا عن المثالية.
• الرسوميات والموسيقى: تحفة فنية تنقل اللاعبين إلى قلب صقلية.

النتيجة النهائية: عودة ناجحة ومظفرة لسلسلة مافيا، وتجربة لا بد من خوضها لكل من يبحث عن لعبة تجمع بين الدراما والواقعية والأجواء السينمائية.